"وأيمُ الله رأيتُه كأني أراك، وهو في عشرة آلاف أو يزيدون؛ فركبتُ دابتي، وجئتُ أُنذِر القوم؛ فوجدتُ أبا سفيان وبجواره عمرو بن العاص عند الكعبة؛ فصحتُ وأنا فوق دابتي: النذير النذير يا قوم؛ فالتفتَ أبو سفيان وقد امتقع وجهه وقال: ثكلتك أمك يا شعث، أي آبدة حلّت؟
فقال شعث وقد نزل من على دابته وكأنه يتكهّن: "رجال صرعَى، وأمهات ثكلَى، وزوجات مترمِّلات، إنها المنايا قد أطلقتْ ليوثها فاحذروا"
في الليل اجتمع القوم في ناديهم؛ يتشاورون، تفحَّص أبو سفيان وجوهَ القوم؛ فلم يجد ابنه حاضرًا؛ فصاح: يا وحشي، اذهبْ ونَادِ سيدَك معاوية.
وراح القوم يسائلون شعثًا، ويتجاذبون أطراف المشورة، فقال خالد بن الوليد: إن بيننا وبين القوم صُلحًا، وقد علمتم صِدْقَ محمَّد ووفاءَه بالعهود، فإنّا لا ننقُض حتى ينقض، وإني لا أظنه يفعل.
فصرخ فيه عكرمة بن أبي الحكم قائلاً: بخ بخ يا صاحب أُحُد، أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب."
(رواية الكفار / اسامة يس / هيباتيا للنشر بمعرض الكتاب 2013 بجناح دار التنوير بقاعة ألمانيا أ)