إن الناظر بعمق في آيات القرآن التي تتحدث عن الإنسان أو تخاطبه، يلحظ بوضوح أنها هابطة من أعلى إلى أسفل،آيات( فوقية ) تعلو الإنسان وتأتي من خارجه، إذ لا يستطيع أن يدعي أنه هو من أتى بها _حتى أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يدع ذلك_ أو يستطيع أن ينفي وجودها ، أو يتجرأ فيثبت لنفسه أنه خالق ما تخبر به الآيات إذ ادعى جحودا الأولى والثانية. وليس هدفي من كتابة هذه السطور الدخول في متاهات الجدل والتحدي، لكني أدعو كل إنسان أن ينظر معي في الطريقة التي صيغت بها الآيات _ ما يهمني هنا التي تتحدث عن الإنسان خاصة- حتى وان كان ينكر وجود الله ذاته ، ثم عله يخبرنا عن سر تلك الفوقية القهرية التي صيغت بها الآيات .
ولنضرب لذلك عدة أمثلة :
قال تعالى : (ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حما مسنون) . الحجر آية 2
إذا نظرنا للصياغة ولقد خلقنا ( نتساءل من الذي خلق ) ثم خلق من ؟
الله ( من الخارج ) يخبر انه هو الخالق ، خلق من؟ الإنسان.
إن الصياغة من خارج كينونة الإنسان، إذ الإنسان لم يخلق نفسه بغض النظر عن إنكاره للخالق .
قال تعالى : (خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين).النحل آية 4
الإخبار من خارج الإنسان، هابط من أعلى إلى أسفل، اذ لم يدع أحدنا انه خلق نفسه وإلا عد معتوها.
قال تعالى ( اولا يذكر الانسان انا خلقناه من قبل ولم يك شيئا). مريم آية 69
إنها تخاطب الإنسان في المطلق، وليس ما يهمني هنا إثبات للمنكر بالآية انه بالفعل خلق ولم يك شيئا، ما يهمني تلك الصياغة الفذة التي تقهر كل منكر ، انها تخاطب كل إنسان بما فيهم محمداً صلى الله عليه وسلم إذ أن الوحي هبط عليه من الخارج .
إذ أن محمد لم يدع أنه هو الذي أتى بتلك الآية.
وكما قلت ليس الغرض أن ادخل في متاهات الجدل والبراهين، فقط أردت أن نعرف سر تلك الفوقية الآتية من الخارج، في الآيات التي تخص الإنسان، إذ انه لا يد لذاته فيها ، مملاة عليه من الخارج آمن بذاك الإملاء أو كفر . لكن عليه أن يجب من الذي أملى ولماذا ؟..
ونأتي لتلك الآية المختلف في تأويلها دون الدخول في التأويل والغرض قال تعالى:
(انا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان انه كان ظلوما جهولا)الاحزاب 72
الله عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال وحملها الإنسان بعد أن رفضوها وأشفقوا منها .....
الآية آتيه من فوق هابطة إلى أسفل لتخاطب الإنسان إذ أن صياغتها قهرية لا يدعي احدنا بأنه عرض الأمانة على احد لا على سموات ولا على ارض ولا على جبال ولا على أخيه الإنسان ... آمن المنكر بوجود الأمانة وعرضها ام لا ....
قال تعالى: (ويقول الإنسان أئذا ما مت لسوف اخرج حيا). مريم آية 66
هنا وصف لحال الإنسان المنكر للبعث، و قد يقول قائل: سمع محمد هذا القول ثم نقله، لكن لماذا تَقْوَل الإنسان هذا القول بداية :( أئذا ما مت لسوف اخرج حيا) انه ردا على خبر جيء به من الوحي فأنكره الإنسان واندهش منه، الإخبار ثم الإنكار ثم الإخبار مرة ثانية بالإنكار.
.... تلك كانت نبذة لا تف قط بالمطلوب ولا بإيصال الفكرة كاملة، ولكنها وهج فكرة خطت على عجلة فاعذروني .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق